سوريا بعد سقوط الأسد: آفاق إعادة الإعمار
دعت جمعية الصداقة العربية الألمانية في 25 مارس 2025 إلى محاضرة تلتها مناقشة مع لمياء قدور، النائبة في البرلمان عن حزب ت
...دعت جمعية الصداقة العربية الألمانية في 25 مارس 2025 إلى محاضرة تلتها مناقشة مع لمياء قدور، النائبة في البرلمان عن حزب ت
...الطهي معًا وتعلم اللغة العربية في آنٍ واحد – تجربة فريدة لـ 20 مشاركًا! حظي 20 مشاركًا ومشاركة من دورات جمعية الصداقة
...ببالغ الحزن والأسى، تنعى جمعية الصداقة العربية الألمانية الصحفي أحمد عفاني، أحد أعضائها المؤسسين وصديقها المخلص، الذي
...يُنظر إلى الشرق الأوسط غالبًا على أنه منطقة أزمات وصراعات. كما تواجه المنطقة تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية كبيرة،
...لماذا تعد دول مجلس التعاون الخليجي مهمة بالنسبة لنا وما الذي يحصنها ضد الصراعات في منطقتها؟
بقلم راينر هيرمان
كان الكاتب
...الكثيرون في هذه الأثناء أصبحوا على’ بيّنة من مخاطر جفاف نهر الأردن ومن أزمة المياه المستفحلة في اسرائيل وفلسطين. بيد أن الكثيرين استقوا ولا شك معلومات هامة جديدة من محاضرة " الماء المحفوف بالمشاكل، نزاع المياه في الشرق الأوسط " التي ألقاها خبير المياه كْليمنز مسرشميد Clemens Messerschmid في مقر الجمعية في التاسع عشر من مايو أيار 2010. وقد أشرف عضو مجلس إدارة الجمعية المحامي فولف شفيبرت Wolf Schwippert على إدارةالأمسية ضمن إطار مسلسل " هل السلام ممكن في الشرق الأوسط؟ " الذي تنظمه جمعية الصداقة العربية الألمانية.
وربما فوجئ الكثيرون من الحضور الذين غصت بهم القاعة، بأن أزمة المياه في تلك المنطقة ليست وليدة أسباب طبيعية كنقص مياه الأمطار أو فترات قحط وجفاف بل إنها من فعل الانسان.
وكان هناك إجماع على’ أن الجمعية أحسنت اخيار هذا الرجل للتحدث عن الموضوع الشائك، فهو خبير المياه الجوفية ، سواء في ذلك التنقيب عنها أو استخراجها واستغلالها بصورة مستدامة. وهو يعمل منذ عدة سنوات بتكليف من المؤسسة الألمانية للتعاون التقني " جي تي زد GTZ " كمستشار لعدة مشاريع مياه في فلسطين كمحطات الماء في رام الله ونابلس، ومستشار لسلطات المياه الفلسطينية، موفد من مركز مدّ الدول النامية بالخبراء " س آي م CIM ".
وكانت المحاضرة حافلة بالمعلومات الهامة، استهلها مسرشميد بتفنيد ما تروجه اسرائيل من خرافات عن المياه في فلسطين، لينتقل إلى’ خلفيات نزاع الشرق الأوسط المتعلقة بالمياه وأزمة المياه الشديدة لدى’ الفلسطينيين، مؤكدا وجوب العمل على’ توزيع المياه بصورة عادلة.
لقد نوه مسرشميدت بأن المشكلة لا تكمن في نقص الماء أو الأمطار بل في إساءة استغلال المتوفر منها والإسراف في استهلاك الموارد المائية والظلم في نوزيعها فضلا عن العقبات القانونية أمام حفر آبار جديدة .
وأثبت المحاضر بالأرقام والرسوم البيانية أن معدل هطول الأمطار لم يطرأ عليه تغير منذ عشرات السنين، وأن مستواه في الضفة الغربية أعلى’ منه في بعض المدن الأوروبية الوسطى’. وأوضح أيضا توفّر التضاريس الجيولوجية اللازمة لتخزين مياه الأمطار واستغلال المياه الجوفية. إلا أنه ذكر أن المياه المتوفرة بمعدلات كافية للفلسطينيين تكاد تُطمر بصورة كاملة نهائيا. ونوه في هذا الصدد إلى’ أن معدل استهلاك الفرد للماء في اسرائيل، الذي يزداد باطراد، يبلغ حاليا 280 لترا يوميا بينما كان في ألمانيا 143 لترا، وقد انخفض في هذه الأثناء إلى حوالي 125. وانتقد المحاضر الافتقار إلى’ الوعي بمسؤولية استهلاك الماء وعدم العدالة في توزيع كميات المياه المتوفرة. وقال إن نسبة عائدات الزراعة في اسرائيل إلى’ الدخل القومي العام، لا تبرر الإفراط في تبذير الكميات الكبيرة من المياه في القطاع الزراعي.
وهكذا فإنه لا صحة للادعاء المروّج في الغرب أيضا [ان اسرائيل تعاني من نقص في الماء وأنه ليس بوسعها ـ تبعا لذلك ـ أن تتقاسم الكميات القليلة الموجودة دون تقويض القطاع الزراعي؛ ولا صحة أيضا للافتراض أن اسرائيل تتحلّى’ بالمسؤولية في مجال استغلال المياه، وأنها حوّلت بذلك الصحاري إلى’ حدائق غنّاء.
ويعني الاسراف في استهلاك المياه في اسرائيل، بالنسبة إلى الفلسطينيين، نقصا بُنْيويا في التزود بالماء، بدأ بعد انتهاء الانتداب البريطاني على’ فلسطينن ولا يمكن التنبؤ بنهايته. فمعدل استهلاك الفرد للماء في الأراضي الفلسطينية يبلغ 60 لترا يوميا، مع أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تزويد المدن مثل رام الله ونابلس والخليل مستقر إلى’ حد ما، الأمر الذي لا يحول دون زيادة معدل الاستهلاك، بينما تُحرم أغلبية القرى’ إلى’ حد بعيد من موارد المياه. وبناء على’ ذلك فإن معظم القرى’ الفلسطينية يعتمد على’ شراء الماء الغالي الثمن من مصادر اسرائيلية.
وقال مسرشميد أيضا إن معدل استهلاك الفرد للماء في القرى’ قد لا يزيد أحيانا على’ ثلاثين لترا يوميا. وأضاف أنه يؤخذ من بيانات منظمة الصحة العالمية المنبثقة عن هيئة الأمم المتحدة أن كمية الماء اللازمة للانسان تبلغ 100 يوميا للفرد الواحد، وأن معدل الثلاثين لترا هو استثنائي لمناطق الكوارث، ولا يعتبر كافيا إلا لفترات محددة.
وعزا المحاضر هذا الظلم في توزيع المياه إلى’ سياسة الاحتلال التي حالت دون حفر آبار جديدة في الضفة الغربية منذ عام 1967، فضلا عن أن الأحكام العسكرية تحظر على’ سلطات المياه الفلسطينية تنفيذ مشاريع مياه ذاتية حتّى’ فيما يُسمّى’ بقطاع " أ ". ونوه إلى’ أن جميع الصلاحيات المتعلقة بالماء مُسندة إلى الجيش الاسرائيلي، وبناء على’ ذلك فإن أي إنشاءات للماء ( حتّى’ بناء خزانات صغيرة لمياه الأمطار أو صهاريج مياه وما أشبه، وكذلك تصليح أنابيب المياه ) يتطلب الحصول على’ عدة رُخص من سلطات مختلفة، علاوة على’ أن القوانين العسكرية تعتبر فوق القضاء المدني.
وأكد خبير المياه أنه لا بد من طرح حوافز لتوفير استهلاك الماء في اسرائيل والاستغلال المجدي ( في القطاع الزراعي مثلا ) إلى’ جانب تحديث مُنشآت ينابيع المياه لترشيد استغلال المياه الجوفية.
وأوصى’ بأن يتحلّى’ المُموّلون الدوليون بالمزيد من الصبر؛ نظرا لأن الحصول على’ التراخيص عملية مُضنية تتطلب وقتا طويلا، وعندما يتسنّى’ الحصول عليها ، كثيرا ما تكون المشاريع قد أوقفت، ويجب عندها السعي من جديد لتوفير التمويل.
وأبرز مسرشميد أن الضغوط السياسية ، تبدو في نهاية المطاف الوسيلة الناجعة الوحيدة في هذا المجال، منوها إلى’ أن إجراءات تعطيل المشاريع وعرقلة طلبات حفر آبار المياه، قلما حظيت باهتمام كبير. وأعرب عن شكه في إمكانية إدراج مسألة المياه هذه في جدول أعمال رباعي الشرق الأوسط.
وأعلن كذلك أن حركة السلام الاسرائيلية لم تول حتّى’ الآن عناية كافية لمسألة المياه، منبّها إلى أن تقرير منظمة العفو الدولية " Amnesty International " في عام 2009، كان العامل الوحيد الذي لفت انتباه الرأي العام إلى’ هذه القضية بفعالية، مضيفا أنه حظي أيضا بعناية فائقة في الأوساط السياسية.
وخلاصة القول أن الوضع ما زال يتطلب الكثير من الجهود.
تجدون هنا : تقرير منظمة العفو الدولية " تعطش إلى العدالة Thirsting for Justice " وتقرير
" Troubled Waters J Palestiniens Denied Fair Access To Waterالطريق الوعر إلى’ الماء ـ حرمان الفلسطينيين من وصول عادل إلى’ الماء ".
وتجدون هنا صورا فوتوغرافية لمشاهد من الأمسية