حوار "الدول العربية بعد ثلاث سنوات من الرحيل - المشهد الجديد لوسائل الإعلام"

أظهرت الاضطرابات في العالم العربي، أهمية ما يسمى بـ "وسائل الإعلام الاجتماعية" مثل الفيسبوك أو تويتر، للمرة الأولى في تغير الاتجاهات السياسية وإمكانية لعب دور في عملية التحوّل السياسي، من خلال المساهمة في حشد المحتاجين أو خلق هوية جماعية عبر نشر الصور وأشرطة الفيديو للحدث، جنباً إلى جنب مع وسائل الإعلام "التقليدية".
والآن وبعد ثلاث سنوات من الأحداث في العالم العربي، ما هو وضع المشهد الإعلامي؟ ما هي الفرص والتحديات التي تواجه الصحفيين والمراسلين الاعلاميين وصناع الافلام؟ وما هو تأثير القوة المالية ولا سيما في منطقة الخليج، بقيادة قناة الجزيرة؟

لمناقشة هذه القضايا، نظّمت جمعية الصداقة العربية الألمانية، جنباً إلى جنب مع مركز الحكم في الشرق الأوسط التابع لمدرسة هومبولت فيدرينا للحكم /شمال أفريقيا في 24 فبراير 2014 حلقة حوار بعنوان "الدول العربية بعد ثلاث سنوات من الرحيل - المشهد الجديد لوسائل الإعلام." بعد كلمة الافتتاح لمدير حلقة الحوار الأستاذ الدكتور أودو شتاينباخ، رئيس مركز الحكم في الشرق الأوسط / شمال أفريقيا، رحّب الرئيس التنفيذي لجمعية الصداقة العربية الألمانية يورغن شتلتسر بالضيوف الكرام في مقر مدرسة هومبولت فيدرينا للحكم.
 
وسائل الإعلام "السلطة الرابعة"
أصبح المشهد الإعلامي يشكّل أهمية متزايدة يوماً بعد يوم في ضوء المهام التي أصبحت تناط بها، اذ تلعب وسائل الاعلام دوراً مهماً على خلق الآراء والتأثيرعلى الرأي العام. وإن النقاش حول مفهوم "السلطة الرابعة" يشير بشكل واضح إلى الدور الذي يلعبه قطاع الإعلام في العملية الديمقراطية. إن الديمقراطية الفاعلة والحقيقية تضمن حرية وسائل الإعلام والتي تلقي الضوء على الحياه العامة من مختلف الجوانب الحياتية وتلعب دوراً رئيسياً في التعليم، ويمكن أن تكون تلك الوسائل منصّة إشراف على اعمال الدولة.

"الإطار العربي"باعتباره تحديّاً خاصاً
 ذكرت الأستاذة الدكتورة كارولا ريشتر، الأستاذة المساعدة في مركز الاتصالات الدولية في جامعة برلين الحره، ثلاثة شروط لنظام إعلامي ايجابي والتي تتمثل بالتعددية والتقارير الاعلامية المستقلة وأخلاقيات وسائل الإعلام. وأشارت إلى انه ما يزال ينظر في الدول العربية إلى إرث الماضي الاستبدادي، حيث الارتباط الوثيق بين قطاع الأعمال والسياسة والإعلام والاعتماد التمويل لهذه القطاعات، فضلاً عن الصراعات المسلّحة المتكررة والأزمات السياسية والتي تمثل تحديا كبيراً لقطاع الاعلام.
 
الوضع في مصر
تحدثت الدكتورة كارولا ريشتر حول الوضع الحالي في مصر، حيث عاش قطاع الإعلامي طفرة نوعية في الفترة القصيرة من الاضطرابات والتي ظهر بها كذلك النظام الإعلامي القديم ايضاً، بينما فشل الاخوان المسلمين في اقامة نظام سياسي قوي (دولة قوية)، ومحاولات السيطرة على وسائل الإعلام "المضادة للإخوان المسلمين"، والذي أدى لاحقاً إلى الاستيلاء على السلطة من قبل الجيش. حيث إعاد النظام الاعلامي جزئيين إلى العهد السابق.

العراق بين التعددية والتفتت التدريجي ...
على الرغم من أن التغيرات في العراق ليست جزءاً من "الربيع العربي"، وخاصة في ضوء حركة اللاجئين و استمرار الصراع بين الشيعة والسنة، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع البلدان العربية الأخرى. انيا فولينبيرغ مؤسسة ومديرة منظمة MICT (الإعلام في التعاون والتحول)، أوضحت الصورة الايجابية لتطور القطاع الاعلامي العراقي التي تؤدي إلى طائفة واسعة من الرأي، والتعددية النسبية، فعلى سبيل المثال يوجد حوالي 200 محطة إذاعية وتلفزيونية، تمثل قطاعات مختلفة وتمثل مصالح حزبية مختلفة ومعينة، وختمت السيدة انيا حديثها في أن التجربة العراقية تجربة ايجابية ويمكن أن تكون نموذجاً لمصر على الرغم من الاختلاف في التركيبة السياسية والاجتماعية.

... مثل حي على ذلك؟
نظره وتحليل من الجانب العملي قدمها مندوب قناة العراقية التلفزيونية في برلين السيد عامرالموسىوي. والذي أشار إلى أن وسائل الإعلام في العراق تعمل كمؤسسات مستقلّة، تتناول المشهد الإعلامي العراقي من مختلف الجوانب حيث أوضح أن التعددية لاتعني بالضرورة الاستقلالية، ذلك أن بعض المؤسسات الإعلامية تواجه قضية التمويل المالي على جميع المستويات. ومن الامثلة على ذلك القطاع السياسي والذي يخصص ميزانية ضخمة للقطاع الإعلامي. وعلى الرغم من ذلك فان التجربة العراقية يمكن أن تكون مثل مفيد وحي لمصر.
 
حالة تونس : نموذجاً؟
السياسية آنا انتوناكس- الناشف ألقت الضوء على حالة تونس، والاخبار الايجابية حول الدستور الجديد والذي كان له صدى إيجابي في جميع أنحاء العالم، وقد تضمن الدستور الجديد إصلاح النظام الاعلامي القائم وبالتالي المشاركة في عملية التحول السياسي والتي كانت قائمة منذ وقت مبكر جداً، ان النظام الاعلامي الذي كان تحت سلطة زين العابدين بن علي بقي دائماً محل تساؤل. ان أهم الاصلاحات الاعلامية التي تمت تتمثل في إلغاء وزارة الاتصالات والرقابة المركزية على الاعلام واستبدادها بالهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري، والتي تعمل على تأمين حرية الصحافة والعمل الصحافي، ومع ذلك غالباً ما تبقى الصحافة مهددة بسبب المشاكل المالية. إلا ان الناشف ترى أن هناك مشكلة في هيكلية النظام الاعلامي التونسي من حيث الفضاء المحيط  بالوضع العام للمهنة الاعلامية في تونس.

المصالح القطرية وتغيرات الجزيرة
ضمن هذا الاطار تحدث جاي تاك منتج تلفزيوني ومراسل صحفي سابق في قناة ARD ،حول تطوّر الاهتمامات القطرية الممول لمحطة الجزيرة، والتي اشتهرت في سياق أحداث 11 سبتمبر 2001، وأصبحت من القنوات العالمية، وكانت منصة ومنبر إعلامي مستقل. وعلى غرار محطة بي بي سي البريطانية فقد احتلّت قناة الجزيرة عبر النهج القومي العربي موقف التعريفية بالقضايا المختلفة باللغة العربية على مستوى تقني ومعلوماتي عالٍ، من خلال دورها الرائد والمصداقية في العالم العربي، فضلاً عن موقف حكومة الولايات المتحدة السلبي تجاه ارسال قناة الجزيرة. ومنذ انطلاق الاضطرابات في عام 2011، فان قضية المصداقية هي جوهر الأزمة التي أصبحت سائدة، وهذا ما أشار اليه السيد جاي والذي عمل  شخصياً لقناة الجزيرة. ان تغطية الاحتجاجات في البحرين البلد الجار لقطر والحرب الأهلية السورية أدت إلى ظهور خلافات بين الأجنحة الداخلية القائمة على عملية الارسال حيث قطر الدولة الممولة والعالميين على عملية الارسال  واغلبهم من الفلسطيين. وفي الوقت نفسه فقد تم الاستغناء عن العديد من المحررين الفلسطينين وإيقاف بعض البرماج في العالم العربي وخصوصاً في مصر، والذي وضع مصداقية قناة الجزيرة على المحك. حيث أصبحت قناة الجزيرة وبشكل تتدريجي تمثل اهتمامات قطر. من جانب اخر فإن طريقة التعامل بشكل مختلف مع الاوضاع في تونس والذي ينظر اليه بشكل إيجابيا وكذلك العراق، والذي روعي بهه الدقة والحرفية المهنية، بينما ينظر إلى التعامل مع الوضع في مصر بشيء من القلق، حيث يظهر الارتباط العميق بين السياسة والإعلام والذي أصبح واضحاً للعين. في نهاية الأمسية كان هناك حوار ومناقشة مثمرة بين الضيوف الكرام والجمهور.
 
للمزيد من المعلومات حول جمعية الصداقة العربية الألمانية يرجى الاطلاع على صفحتنا على الانترنت إذا كانت لديكم الرغبة في الانضمام عضوية الجمعية.